الفصل الثامن
آداب منثورة
ذكر الماوردي في مقدمة هذا الفصل أن الآداب مع
اختلافها بتنقل الأحوال ، وتغير العادات لا يمكن استيعابها ، ولا يقدر على حصرها ،
ولكن هناك شروط وضوابط ذكرها الماوردي في كيفية تحصيل الآداب ، هي بمثابة خارطة
الطريق لمن أراد أن يحصل الأخلاق والآداب الرفيعة .
أولاً : شروط تحصيل الآداب ( الماوردي ، 1405هـ ،ص355 - 356 ):
1-
يذكر كل إنسان ما بلغه الوسع من آداب زمانه ،
واستحسن بالعرف من عادات دهره ، ولو أمكن ذلك لكان الأول قد أغنى الثاني عنها ،
والمتقدم قد كفى المتأخر تكلفها ، وإنما حظ الأخير أن يتعانى حفظ الشارد وجمع
المفترق.
2-
يعرض ما تقدم على حكم زمانه ، وعادات وقته ،
فيثبت ما كان موافقاً ، وينفي ما كان مخالفاً .
3-
يستمد خاطره في استنباط زيادة ، واستخراج فائدة
فإن أسعف بشيء فاز بدركه ، وحظي بفضيلته .
4-
يعبر عن ذلك كله بما كان
مألوفاً من كلام الوقت ، وعرف أهله فإن لأهل كل وقت في الكلام عادة تؤلف ، وعبارة
تعرف ؛ ليكون أوقع في النفوس وأسبق إلى الأفهام .
5-
يرتب ذلك على أوائله ومقدماته ، ويثبته على
أصوله وقواعده حسبما يقتضيه الجنس فإن لكل نوع من العلوم طريقة هي أوضح مسلكا
وأسهل مأخذاً .
ثانياً : حال الإنسان في مأكله
ومشربه ( الماوردي ، 1405هـ ،ص358 )
الداعي إلى ذلك شيئان : حاجة ماسة وشهوة باعثة
.
1-
الحاجة الماسة : تدعو إلى ما سد الجوع وسكن الظمأ .
وهذا مندوب إليه عقلاً وشرعاً ؛ لما فيه من حفظ
النفس وحراسة الجسد .
2-
الشهوة الباعثة : وأنواعها :
أ - شهوة في الإكثار والزيادة : هو شهوة الزيادة على قدر الحاجة ، والإكثار على مقدار الكفاية ، فهو
ممنوع منه في العقل والشرع ؛ لأن تناول ما زاد على الكفاية نهم معر وشره مضر .
ب - شهوة في تناول الألوان الملذة : هو شهوة الأشياء الملذة ومنازعة
النفوس
إلى
طلب الأنواع الشهية فمذاهب الناس في تمكين النفس فيها مختلفة .
ثالثاً
: حال الإنسان في ملبسه ( الماوردي ، 1405هـ ،ص58 - 362 )
حاجة الإنسان إلى الملبوس حاجة ماسة وبها إليه
فاقة ؛ لما في الملبوس من حفظ الجسد ، ودفع
الأذى ، وستر العورة ، وحصول الزينة .
في اللباس ثلاثة أشياء :
1-
دفع الأذى : وهذا واجب بالعقل ؛ لأن العقل يوجب
دفع المضار واجتلاب المنافع .
2-
ستر العورة : وهذا واجب بالشرع دون العقل
3-
الجمال والزينة : وهذا مستحسن بالعرف والعادة ، من غير أن يوجبه عقل أو شرع .
رابعاً: حال الإنسان مع نفسه ( الماوردي ، 1405هـ ،ص362- 363 )
للنفس حالتين :
1-
حالة استراحة إن حرمتها إياها كلت .
2-
حالة تصرف إن أرحتها فيها تخلت .
فالأولى بالإنسان تقدير حاليه : حال نومه ودعته
، وحال تصرفه ويقظته ، فإن لهما قدراً محدوداً ، وزماناً مخصوصاً ، يضر بالنفس مجاوزة أحدهما ، وتغير زمانهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق