الصفحات

الفصل الرابع

الآراء التربوية للماوردي في أدب الدين

أحوال الإنسان فيما كلف من عباداته
يرى الماوردي أن حال الإنسان فيما كلف الله به من العبادات والطاعات على ثلاثة أحوال :
الحالة الأولى: أن يستوفيها من غير تقصير فيها ولا زيادة : أي يأتي بها على حالة الكمال من غير تقصير فيها ، ولا زيادة تطوع على راتبها ، فهي أوسط الأحوال وأعدلها ؛ لأنه لم يكن منه تقصير فيذم ، ولا تكثير فيعجز ( الماوردي ، 1405هـ ،ص114)  

الحالة الثانية : أن يقصر فيها : ولا يخلو من حال تقصيره من أربعة أحوال ( الماوردي ، 1405هـ ،ص115-118)  :
1-             أن يكون لعذر أعجزه عنه ، أو مرض أضعفه عن أداء ما كلف به ، فهذا يخرج عن حكم المقصرين ، ويلحق بأحوال العاملين لاستقرار الشرع على سقوط ما دخل تحت العجز .
2-             أن يكون تقصيره فيه اغترار بالمسامحة فيه ، ورجاء العفو عنه ، فهذا مخدوع العقل ، مغرور بالجهل ، فقد جعل الظن ذخراً ، والرجاء عدة ، فهو كمن قطع سفراً بغير زاد ظناً بأنه سيجده في المفاوز الجدبة فيفضي به الظن إلى الهلكة .
3-             أن يكون تقصيره فيه ليستوفي ما أخل به من بعد ، فيبدأ بالسيئة في التقصير قبل الحسنة في الاستيفاء ، اغتراراً بالأمل في إمهاله ، ورجاء لتلافي ما أسلف من تقصيره وإخلاله ، فلا ينتهي به الأمل إلى غاية ، ولا يفضي به إلى نهاية.
4-             أن يكون تقصيره فيه استثقالاً للاستيفاء ، وزهداً في التمام ، واقتصاراً على ما سنح ، وقلة اكتراث بما بقي .

الحالة الثالثة : أن يزيد فيما كلف : وهذا على ثلاثة أقسام ( الماوردي ، 1405هـ ،ص118-122):
1-             أن تكون الزيادة رياءً للنظارين ، وتصنعاً للمخلوقين ، حتى يستعطف به القلوب النافرة ، ويخدع به العقول الواهية .
2-             أن يفعل الزيادة اقتداءً بغيره ، وهذا قد تثمره مجالسة الأخيار الأفاضل ، وتحدثه مكاثرة الأماثل .

3-             أن يفعل الزيادة ابتداءً من نفسه التماساً لثوابها ، ورغبة من الزلفة بها ، فهذا من نتائج النفس الزاكية ، ودواعي الرغبة الوافية الدالين على خلوص الدين ، وصحة اليقين ، وذلك أفضل أحوال العاملين ، وأعلى منازل العابدين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق